نرى كثيراً من النّاس في مجتمعاتنا و في معرض حديثه عن الالتزام و الطّاعة يقول لك إنّني أحبّ الله و رسوله ، و إنّني أحمل في قلبي إيماناً يناطح السحاب ، و تراه في حياته مثالاً للإنسان اللاّهي بالمعاصي و الملذّات ، المنشغل بها عن طاعة الله سبحانه و تعالى و اتباع نهجه ، و الحقيقة أنّ هذا الشّخص يكون جاهلاً بحقيقة المحبّة و معناها ، فالإنسان حين يحبّ شخصاً فإنّه بلا ريبٍ يسعى لرضاه و طاعته ، و لله المثل الأعلى ، فهو خالق العباد و ربّهم الذي أعطاهم من النّعم ما لا تحصيه أنفسهم عدّاً ، و هو سبحانه الذي يرحم عباده ، و هو الذي أعدّ للصّالحين منهم جنّات النّعيم جزاءً لهم ، و قد عبّر الإمام الشافعي رضي الله عنه عن حقيقة المحبّة و كيف يكون المحبّ لمن أحب مطيع ، فقال تعصي الإله و أنت تظهر حبّه...هذا محالٌ في القياس بديع لو كان حبّك صادقاً لأطعته...إنّ المحبّ لمن يحب مطيع في كلّ يومٍ يبتديك بنعمةٍ...منه و أنت لشكر ذلك مضيع فحقيقة المحبّة لله و رسوله تكون بإتباع نهجه و سنّة نبيّه ، قال تعالى (قل إن كنتم تحبّون الله فاتّبعوني يحببكم الله و يغفر لكم ذنوبكم و الله غفورٌ رحيم ) ، لذلك كان الذي يدّعي محبة الله و رسوله و هو بعيدٌ عن دين الله و الالتزام به هو محبٌّ مزيّفٌ غير صادق ، و عليه اثبات محبته بالفعل قبل القول . و هناك عددٌ من الأفعال تأخذ بصاحبها إلى ركن محبّة الله و رسوله ، منها أداء الصّلوات في مواقيتها مع عدم تأخيرها ، و الحرص على صلاة الجماعة في المساجد ، كما أنّ السّعي في حاجة الملهوف و المكروب و صاحب الحاجة و ابن السّبيل هو ممّا ينال به العبد محبّة ربّه ، و الصّدقة على الفقراء و السّعي على الأرملة و المسكين ، و الحرص على الذّكر فإنّه حبل الله المتين و حرزه المكين ، و بذل المال و النّفس في سبيل الله ، و عدم السّكوت على الظّلم و الظّالمين ، و الأمر بالمعروف و النّهي عن المنكر ، فكلّ ذلك ممّا يستوجب الظّفر بمحبّة الله و رسوله إذا صحّت النّية ، و كان القلب سليماً من الرّياء و السّمعة .